الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010

الشكر أساس المزيد

الشكر أساس المزيد

أن من أخطر أصول الوصول إلى الله – تعالى – شكر نعمة الله عز و جل على أن هيأك ويسر لك وحبب إليك أن تسلك سبيلا إليه ..إن اختيار هذا الطريق رغبة ورهبه ، وطلبا لرضا الله وخوفا من عذابه .. نعمه .
وإن معرفة الطريق إلى الله عزو جل ، والشغف بالسير فيها ، والحرص على التقدم ..نعمة .. والأعمال الصالحة من تلاوة وذكر وصيام وقيام وتبتل وتجهد وإحسان وبر وغيرها ؛ هي حوامل الوصول في هذا الطريق .. وهي نعمة .. وهذه النعم لم تدم وتزد وتبارك كان النكوص والارتداد والسلب والحرمان ..ولا سبيل قط إلى حراسة النعم وحمايتها وزيادتها إلا بالشكر .
 جاء وفد اليمن إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان يسمى حُديرًا فلما أرادوا الانصراف – وكان من سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطي كل ضيف جائزته – أعطى لكل فرد منهم هدية وكان حُدير مشغولا بذكر الله بعيداً عن عين رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستحي حُدير أن يطلب جائزته ، فانطلقوا وانطلق معهم حُدير ، وبعد وبعد أن انصرفوا اذا بجبريل ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول : ربك يقرئك السلام ، ويذكرك بحُدير – يذكرك أنك نسيت حُديرًا – فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فارسا وأعطاه هدية ، وقال : ((الحق القوم فاسأل عن حُدير ، وأعطه هديته ، واقرئه مني السلام ))، فلم أدركهم قال : أين حُدير ؟، قالوا له : هذا فقال له : رسول الله يقرئك السلام ويقول لك :((إنه نسيك فذكره بك الله ))، فقال حُدير : ((اللهم كما لم تنس حُديرًا ، فاجعل حُديرًا لا ينساك ))؛ فكان أكثر الناس ذكرًا لله ((اللهم كما لم تنس حديرًا فاجعل حديرًا لاينساك  )).. هذا هو موطن الشاهد ، وهو شكر النعمة على مقتضاها وهو طلب الزيادة من خير الآخرة .
أيها الأخوة ، ابتلي أحد الإخوة بمرض السكر فقال لي: استفدت من هذا المرض فائدة: ماعرفت نعمة الله في أن أنام ثلاث
 ساعات متواصلة إلا بعد المرض ، فكل ساعة أقوم لأدخل الحمام!!.. فهل نمت أنت ثلاث ساعات متواصلة ؟!.. هل شكرت هذه النعمة؟!..إذا
ابتليت-نسأل الله لنا و لك العافية –ستعرف هذه النعمة وتقدرها .
هذا الرجل المكسور يقول: أود أن أتقاب على جنبي!!،فهل تتقلب على جنبك وأنت نائم؟!، هل شكرت هذه النعمة؟،هل فكرت مرة أن تذهب إلى المستشفيات لترى المقعدين الذين لا يملكون حراكا؟، لترى في قسم الحرائق ما فعلته النيران في الوجوه الجميلة، ولترى في قسم العيون من فقدوا نور أعينهم؟!
كان بكر بن عبد الله المزني رحمه الله يقول: يا ابن آدم ، إذا أردت أن تعلم قدر ما أنعم الله عليك فغمض عينيك .
هل رأيت أصحاب المحاليل المعلقة؟!!، وهل رأيت من عاشوا حياتهم في المستشفيات ثم ماتوا؟!.. كل هذه النعم التي فقدها الآخرون وملكتها أنت ؛ هل شكرت الله عليها؟!!
وأنت أيها المريض المبتلى ، هل شكرت النعم التي أنت غارق فيها؟!،
هل نظرت إلى من هم أشد منك بلاء؟!.. وإن كنت أنت أشد المرضى ألما؛ فهل شكرت الله على ابتلاك في جسدك، وحفظ لك قلبك فملأه بالإيمان؟!.. هل شكرت هذه نعمة الإيمان والتوحيد التي هي أعظم النعم.


منقول من كتاب أصول الوصول إلى الله .للشيخ محمد يعقوب


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق